ما هو القانون؟.. تعبير عن الإرادة والشعور الجماعي لأفراد المجتمع. القاعدة القانونية اجتماعية تستهدف تنظيم الروابط أو العلاقات الاجتماعية بين الأفراد

القانون هو ظاهرةٌ حتميةٌ لصيقةٌ بالمجتمعات البشرية المنظَّمة، وهو من أهم مظاهر التعبير عن الإرادة والشعور الجماعي لأفراد المجتمع.

ويمكن تعريف القانون بأنه "مجموعة القواعد العامة التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع، والتي تكفل الدولة احترامها بالقوة عند الاقتضاء عن طريق توقيع جزاءٍ على مَنْ يخالفها".

وفي ضوء هذا التعريف، يمكن القول بأن القاعدة القانونية Legal Rule تتميز بثلاث خصائص أساسية:
1- إنها قاعدة عامة مجردة.
2- إنها قاعدة اجتماعية، تستهدف تنظيم الروابط أو العلاقات الاجتماعية بين الأفراد.
3- إنها قاعدة ملزمة، حيث تقترن بجزاء قانوني يفرض احترامها.

وتأسيساً على ذلك، يمكن القول بأن القواعد القانونية تتميز عن غيرها من قواعد السلوك الاجتماعي الأخرى (كقواعد الأخلاق مثلاً) بأنها تقترن بجزاء يكفل احترامها ويوجب طاعتها، ولذا فقد وجِدَ تلازمٌ حتميّ منذ ظهور الفكر القانوني بين القانون وفكرة القهر أو الإكراه Coercion.

فالقاعدة القانونية ليست نصيحة أو رجاء يتوجه بها المشرع إلى المخاطبين بأحكامها، وإنما هي تكليفٌ يعزِّزه الجزاء.
وتطبيقاً لذلك فقد عرّف العلامة الألماني "اهرنج" Jhering القانون بأنه "الشكل الذي تتطلبه كفالة الظروف الحيوية للجماعة، ويقوم على أساس سلطة القهر التي توجد في يد الدولة".

ويمكن تعريف الجزاء بأنه "الأثر المترتب على مخالفة القاعدة القانونية"، ويختلف الجزاء باختلاف القواعد القانونية التي خولفت، وتبعاً للمجتمع الذي يطبق عليه، فالجزاء يتناسب مع المصالح التي تحميها القاعدة القانونية حتى يمكن أن يحقق أثرها والمقصود منها، ومن المقرر أن السلطات العامة في الدولة هي التي تتولى توقيع هذا الجزاء.

وقد سلَّم الفقه في مجمله بأهمية الجزاء وضرورة وجوده لحماية قواعد القانون، إلا أن الخلاف قد احتدم بينهم حول اعتبار الجزاء ركناً من أركان القانون وعنصراً جوهرياً لا يتصور وجود القاعدة القانونية دونه أم لا... وقد أخذ الخلاف صورة السؤال التالي: هل تعتبر القواعد الاجتماعية التي تخلو من الجزاءات المادية من قواعد القانون أم لا؟

ذهب جانب من الفقه إلى اعتبار الجزاء ركناً جوهرياً من أركان القاعدة القانونية، وأنَّ تخلّف الجزاء يُجرّد القاعدة من صفتها القانونية، ويخلط بينها وبين القواعد الأخلاقية، وكما يقول العلامة اهرنج: "إن القاعدة التي تخلو من عنصر الجزاء هي من قبيل التناقض، فهي نارٌ لا تُحرِق، ونورٌ لا يُضيء".

إلا أن جانباً آخر من الفقه نفى أن يكون الجزاءُ أحدَ عناصر القاعدة القانونية، ذلك أن النظام القانوني يعتمد أو يجب أن يعتمد على الرضا التلقائي بالقانون والاقتناع بأهدافه ودوافعه بحيث تنشأ لدى الأفراد عقيدة احترام القانون دون خوفٍ من عواقبَ مخالفته.

واستند هذا الرأي إلى حجةٍ مؤدّاها أنّ اعتبار الجزاء أحد أركان القاعدة القانونية فيه مصادرة على المطلوب وإنزال للنتيجة منزلة السبب: فالقاعدة تكون قانونية إذا اقترنت بجزاء، وتقترن بجزاء إذا كانت قانونية، وبعبارة أخرى هل تعتبر القاعدة "قانونية" لأنها مقترنة بجزاء أم أنها تقترن بجزاء لأنها قانونية ؟! ثم إنه من المستحيل أن يكون الجزاء أحد مكونات القاعدة القانونية لأنه أمْرٌ بَعْدي يتأتى بعد اكتساب القاعدة صفة القانون، والقاعدة توصف بأنها قانونية ثم يطبَّق الجزاء متى خولفت.

كذلك أيضاً ثار خلافٌ فقهي حول صورة الجزاء ونوعيَّته، فقد اشترط أنصار المذهب الشكلي ضرورة اقتران القاعدة القانونية بجزاءٍ مادي منظم تطبّقه السلطة العامة.

وتعتبر هذه المدرسة امتداداً لفكرة القوة والقهر كجزاء للقاعدة القانونية؛ إلا أنَّ من الفقهاء مَن لا يشترط أن يكون الجزاء متمثلاً في صورة الإكراه المادي الذي تقوم السلطة العامة بتوقيعه، ويرى أن الجزاء يمكن أن يتمثَّل في ردِّ الفعل الاجتماعي الذي يترتب على مخالفة القاعدة القانونية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال