الرقي المادي والاستفادة من تجارب الأمم‏ في السياسات التربوية العليا.. على الأمة العربية أن تخطط مناهجها التربوية على أساس من حيازة أسباب القوة

الحقيقة التي يجب أن توضع نصب أعيننا ونحن نخط الأهداف العليا للتربية في وطننا العربي، أنه لا بديل لنا عن الرقي المادي، والعلم الدنيوي الذي نحقق بواسطته مستوى لائقاً من العيش، وتيسيراً لسبل الحياة، ونحافظ بواسطته على كياننا ووجودنا، ونستثمر بواسطته ثرواتنا، وإمكانياتنا، ولا نعيش عالة على غيرنا كما هو الحال الآن الذي بلغنا فيه من الانحطاط أن نعتمد على غيرنا ليس فقط في طعامنا وشرابنا ولباسنا ومسكننا ومركبنا وتعليمنا وتخطيط مدننا بل وكذلك في تنظيف مطاراتنا ودوائرنا الرسمية، وتدريب فرقنا الرياضية، وفي أصغر شؤوننا‏.‏‏

ونحمد الله سبحانه أنه لا يوجد في ديننا وعقيدتنا ما يحول بيننا وبين هذا الرقي المادي بل العكس تماماً فالدين الإسلامي قرآناً وسنة، واجتهاداً لعلماء الأمة كله يدعو إلى الأخذ بالقوة والحكمة، ومغالبة الأعداء، والانتصار على الشدائد، ومصارعة الأمراض والآفات.

وليس أدل على ذلك من أن علماء أصول الفقه في مقام فروض الكفايات قرروا أنه يجب على الأمة إذا حاز العدو سلاحاً أن يحوزوا مثله، وإذا دهمهم خطر أو مرض أن يتعلموا كيف يصرفوه عنهم، وإلا كانوا آثمين قاعدين عن الفرض والواجب‏.‏‏

ولكننا للأسف ابتلينا بمن يتخذ الدعوة للرقي المادي وتحصيل العلم الدنيوي ذريعة لفصل الأمة عن دينها وعقيدتها قائلاً‏:‏ كيف يمكن التمسك بالإسلام في عصر الصاروخ والذرة‏.‏‏.‏ وكأن الإسلام عدو أو مضاد للصاروخ والذرة‏.‏

والحال أنه ليس في الإسلام، لا في عقائده ولا في شرائعه ولا في أخلاقه ما يحول بين المسلم وبين الأخذ بأي سبب من أسباب القوة المادية، ولكن الذين يكرهون الإسلام ويعادون الأمة وجدوا في حيازة الغرب الكافر القوة المادية والرقي الحضاري ذريعتهم في صرف الأمة عن دينها زعماً أنه لا قوة ولا رقي إلا بالإنسلاخ من الدين والعقيدة‏.

وقد فاتهم بل أحرجهم أن أمماً كثيرة وشعوباً كثيرة قد أخذت بالرقي المادي مع تناقضاتها الفكرية والعقائدية بل مع إيمانها بالخرافات والخزعبلات كعبادة بوذا، والميكادو، وتقديس الصليب، وإنكار الصانع‏.‏‏

والخلاصة أنه يجب على الأمة العربية أن تخطط مناهجها التربوية على أساس من حيازة أسباب القوة جميعها حيث تعتمد على نفسها في سلاحها وطعامها وشرابها ومسكنها، وفي كل شئون حياتها مستفيدة بتجارب الآخرين وعلوم الأمم‏.‏
أحدث أقدم

نموذج الاتصال