التأويل في السيميائيات.. صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به

يعني التاويل  أخذ المعنى على غير معنى الكلمات بتجاوز الظاهر إلى الخفي ففي الاصطلاح: "هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به".
وتداخل حدوده في كثير من الأحيان مع مصطلحين آخرين هما: الشرح والتفسير.

غير أنه يمكننا أن نزعم أن معظم العلماء قد استقروا على أن التفسير خاص بدراسة الألفاظ والجمل دراسة معجمية ونحوية ،وجعلوا الشرح جامعا بين الدراسة الدلالية والتفسير وسرد الأخبار.

غير أن علماء الأصول  جعلوا للتأويل شروطا منها: موافقته للغة واستناده على الدليل القوي، وكونه جليا إذا اعتمد فيه على القياس، وقيل بل لا تأويل بالقياس أصلا".

وله ارتباط وثيق بمفهوم الدلالة لأن الكلمة لا تقف عند حدود التعيين أي تحديد الشيء الذي نحتت من أجله الكلمة.

بل تتخطى ذلك إلى سياقات ضمنية ليست أصلية تتعلق بالوضع الثقافي وهناك إجماع على تعدد الدلالات لكل من الكلمة ووسائل الاتصال غير اللسانية.

إن أي شكل تعبيري له لحظتان: الأولى هي لحظة التعيين المرجعي المحايد.
والثانية هي لحظة إنتاج الدلالات المرتبطة بخصوصية الفعل ضمن وضع ثقافي خاص.

فالأول معنى مباشر وهو قاسم مشترك بين الدلالات التي تتبناها مجموعة أما الثاني فهو قيم مضافة هي نتاج للوضع الخاص.
يرتبط التأويل ارتباطا وثيقا بتصورنا عن الدلالة وشروطها والأشكال التي تتحقق فيها.

ذلك أن الكلمة لا تقف عند حدود التعيين المحايد بل تشتمل على سياقات أخرى قابلة للتحيين متى ما لمحها الفؤاد الذكي.

ولذلك يرى البعض في نص ما، ما لا يراه كثيرون، ويدركون معاني لا يدركها الآخرون.
ففي الكلمة بالإضافة إلى ما يشير إلى المعنى الأصل الذي نحتت من أجله، ما يشير أيضا إلى السياقات الضمنية غير الأصلية.

وهناك إجماع على تعددية الدلالة في كل المستويات: الكلمة والجملة والعبارة والوقائع غير اللسانية أيضا.

أي أن هناك لحظتان تكتنفان عملية تعيين المعنى، ففي اللحظة الأولى هي تعيين المرجع أو الوجود الأصلي الذي تشكله العناصر المحددة للظاهرة نفسها ،ولحظة ثانية تنتج الدلالات المرتبطة بخصوصية هذه الظاهرة ضمن وضعها الثقافي.

إذ يتم أولا الإشارة إلى المعنى المباشر وهو يمكن اعتباره قاسما مشتركا لكل الدلالات، ومن ثم الإشارة إلى القيم الناتجة من وضعها  الخاص ثقافيا وإبلاغيا.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال