إذا كان يوسف الخال قد انطلق من الحياة في رفضه للطرق التعبيرية التقليدية فإن خليل حاوي ينطلق من الفطرة الإنسانية، من النبع.
والعودة إلى التراث عنده لا تكون بإحياء الأنماط والنماذج القديمة ولكن بالعودة إلى النبع الذي فجر هذه الأنماط والنماذج.
وهذا ما يؤكده أدونيس في بيان الارتباط بالتراث من خلال علاقة الاتصال والانقطاع.
فالانقطاع إنما يكون عما يسميه سطح التراث، أي الأفكار والمواقف والأشكال، أما الاتصال فيكون بما يسميه غور التراث أي روحه وجوهره.
أو ما يسميه روح الأمة وتطلعاتها، الجذور والبذور والحنين والبراءة.
وهذه مصطلحات تقترب من مصطلحات النبع والطفولة لخليل حاوي والتراث الحي لدى يوسف الخال.
ولكن كيف يمكن الفصل بين الشكل والجوهر أو بين النمط والنبع؟
وما السطح والغور في (زمن الشعر) إلا الثابت والمتحول في (الثابت والمتحول) بعد تطورهما في ذهن أدونيس.
فكيف يمكن أن نفصل بينهما وفي الثابت ما يتحول وفي المتحول ما هو ثابت كما بين مستدركاً بعد ذلك؟.
على أن أدونيس كان يفصل بينهما من قبل ويرى التراث متمثلاً في امرئ القيس وأبي نواس وأبي تمام والمتنبي والشريف الرضي والمعري والحلاج والرازي وابن الراوندي وشبلي شميل وفرح أنطون دون الغزالي وأحمد شوقي.
لم يكن يرى التراث إلا في التمرد على ما يزعم أنه ثابت.
ولكن هل التمرد والاختلاف قيمة فنية في ذاتها؟
وهل يقتصر الإبداع على شعر التمرد؟
أليس في شعر التمرد الكثير من الإتباع وفي الإتباع شيء من الإبداع كما استدرك أدونيس نفسه في (فاتحة لنهايات القرن)؟.
التسميات
دراسات شعرية