تمويه نسب البطل السروجي في روايات الحريري:
حرص "الحريري" على تمويه نسب البطل "السروجي".
ويقول على لسان الراوي "الحارث بن همام": «أَلْفَيْتُ بِهَا أَبَا زَيْدٍ السَّرُوجِيِّ يَتَقَلَّبُ فِي قَوَالِبِ الاِنْتِسَابِ، وَيَخْبِطُ فِي أَسَالِيبِ الاِكْتِسَابِ، فَيَدَّعِي تَارَةً أَنَّهُ مِنْ آلِ سَاسَانَ، وَيَعْتَزِي مَرَّةً إِلَى أَقْيَالِ غَسَّانَ، وَيَبْرُزُ طَوْرًا فِي شِعَارِ الشُّعَرَاءِ، وَيَلْبَسُ حِينًا كِبْرَ الْكُبَرَاءِ...».
رمز للغة العربية وآدابها:
وقد وجه إليه الراوي ورفقاؤه أن يبين لهم نسبه كما قال: «فَلَمَّا أَمْتَعَ الأَسْمَاعَ، بِمَا رَاقَ وَرَاعَ، اسْتَنْسَبْنَاهُ، وَأَبَى الاِنْتِسَابَ، فَلَوْ وَجَدَ مَنْسَابًا لأَنْسَابَ...» ولعل "الحريري" يقصد بذلك أن "السروجي" بفصاحته رمز للغة العربية وآدابها في عصر لا يقدر فيه الأدباء.
صورة لحيل أبي الفتح الإسكندري:
وقد ظهر أيضًا في عدة مقامات يؤدي دورًا مشابهًا لبطل مقامات "الهمذاني" "أبي الفتح الإسكندري" كما في مدح الدينار وذمه، أو في التسول والشحاذة، وقد ظهر وهو محتال على أهل الخان ليأخذ مالهم، أو ظهر وهو يبيع ولده للراوي "الحارث بن همام" في صفة غلام، أو شوهد وهو متعامٍ، يبيع الرقاع المكتوبة وامرأته تقوده، أو يكتب عزيمة الطلق لزوج الأمير فتضع حملها كما سبق أن كتب بطل مقامات "الهمذاني" حرزًا ينجي من الغرق إلى غير ذلك من الحيل المشتركة بينهما.
توجيه الوصية للأبناء:
وقد اتفق بطل "الهمذاني" وبطل "الحريري" أيضًا في توجيه الوصية للأبناء.
فبطل "الهمذاني" علّم ابنه أسس التجارة كما سبق.
وبطل "الحريري" أوصى ابنه بعد ما تقدم به السن، وقدم إليه خلاصة تجربته: أن لا صناعة أنفع من الكدية والشحاذة، حيث لم ير "أبو زيد السروجي" (مَا هُوَ بَارِدُ الْمَغْنَمِ، لَذِيذُ الْمَطْعَمِ، وَافِي الْمَكْسَبِ، صَافِي الْمَشْرَبِ، إِلاَّ الْحِرْفَةَ الَّتِي وَضَعَ سَاسَانُ أَسَاسَهَا، وَنَوَّعَ أَجْنَاسَهَا).
التسميات
فن المقامة