تأخر ظهور الأدب المقارن في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية: أسبابه وسماته ومدارسه
مقدمة:
تُعدّ دراسة الأدب المقارن مجالًا أكاديميًا غنيًا يبحث في العلاقات والتشابهات والتفاعلات بين الآداب المختلفة عبر الزمن والمكان.
ومع ذلك، شهد ظهور هذا المجال تفاوتًا ملحوظًا بين مختلف أنحاء العالم، ففي حين برزت فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية كمراكز رائدة للأدب المقارن منذ أواخر القرن التاسع عشر، تأخر ظهوره في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية الاشتراكية سابقًا حتى أواسط الخمسينيات من القرن العشرين.
أسباب تأخر ظهور الأدب المقارن:
- العوامل السياسية: فرضت الأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية قيودًا صارمة على حرية التعبير والبحث الأكاديمي، ممّا حدّ من تطور مجالات الدراسات المقارنة، بما في ذلك الأدب المقارن.
- تركيز على الأدب الوطني: ركزت الأنظمة الشيوعية على تعزيز القومية والهوية الوطنية، ممّا أدى إلى تهميش دراسة الآداب الأجنبية وعلاقاتها بالأدب الوطني.
- انعزال ثقافي: عانت دول الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية من انعزال ثقافي عن الغرب، ممّا حدّ من تبادل الأفكار والمعلومات في مجال الأدب المقارن.
ظهور الأدب المقارن في الخمسينيات:
- سقوط الستالينية: أدّى سقوط نظام ستالين عام 1953 إلى انفتاح نسبي في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية، ممّا سمح بتدفق الأفكار والمعلومات من الغرب.
- تأثير المؤتمرات الدولية: لعبت المؤتمرات الدولية للأدب المقارن دورًا هامًا في تعريف دول الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية بهذا المجال، وتشجيع تبادل الأفكار والخبرات.
- ظهور مقارنين بارزين: برز عدد من المقارنين الموهوبين في دول الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية، مثل مارينو ودوريشين وفايمن وجيرمونسكي، ممّا ساهم في تعزيز مكانة الأدب المقارن في تلك البلدان.
مدرسة الأدب المقارن السلافية:
- مسمى مثير للجدل: يُطلق على المدرسة التي ظهرت في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية اسم "المدرسة السلافية"، وهو مسمى مثير للجدل، حيث أنّ القاسم المشترك بين ممثلي هذه المدرسة ليس انتماؤهم العرقي، بل الأسس النظرية والمنهجية التي ينطلقون منها في دراساتهم المقارنة، وهي أسس مستمدة من الفلسفة الماركسية.
- الأسس النظرية: تركز المدرسة السلافية على تحليل الأدب في إطار سياقه الاجتماعي والاقتصادي والتاريخي، مع التركيز على دور الصراع الطبقي والصراع الأيديولوجي في تشكيل الإبداع الأدبي.
- المناهج المقارنة: تعتمد المدرسة السلافية على مجموعة متنوعة من المناهج المقارنة، بما في ذلك المقارنة النوعية والمقارنة التاريخية والمقارنة الموضوعية.
- المساهمات: قدمت المدرسة السلافية مساهمات هامة في مجال الأدب المقارن، من خلال دراساتها للأدب الروسي والأدب الأوروبي، وتحليلها للعلاقات بين الأدب والسياسة والأيديولوجيا.
خاتمة:
على الرغم من تأخر ظهوره، لعب الأدب المقارن دورًا هامًا في المشهد الثقافي والفكري في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية.
وتُعدّ المدرسة السلافية مدرسة غنية ومثيرة للاهتمام في مجال الأدب المقارن، حيث قدمت مساهمات هامة في فهم العلاقات بين الأدب والمجتمع والتاريخ.
التسميات
أدب مقارن