تجارة التعليم.. ضخامة النفقات المخصصة وسعي المستثمرين إلى تعليم من أجل الربح

تمثل نفقات التعليم العالمية مبلغا ضخما يقدر بـ 2000 مليار دولار، أي أكثر من ضعف مبيعات السوق العالمية للسيارات.

إنه مبلغ يسيل لعاب عدد كبير من المستثمرين المشتاقين إلى استثمارات مربحة، وبوجه خاص إلى استثمارات مربحة باستمرار، كما بينتها إخفاقات start-up التكنولوجية الجديدة في البورصة.

ليست خوصصة 2000 مليار دولار هذه كلها أمرا واردافي المدى القريب، غير أنه بفعل تراجع التمويل العمومي وتنامي الطلب على التكوين مدى الحياة ونزع التقنين الإداري والمالي عن مؤسسات التعليم،  تسقط شيئا فشيئا أقسام كاملة من قطاع التعليم والخدمات التابعة في فخ «تجارة التعليم».

يرى المستشار الأمريكي Eduventures، أن سنوات التسعينات « سوف تظل في الذاكرة لأنها أتاحت إنضاج تعليم السوق ("التعليم من أجل الربح")».

ولقد بدأت أسس صناعة التعليم النشيطة الخاصة بالقرن العشرين - مبادرات مقاولاتية واختراعات تكنولوجية وفرص السوق - في الاندماج  لتصل إلى حجمها الحرج».

ويرى محللو Merril Lynch ميريل لانش أن لقطاع التعليم حاليا مميزات مماثلة لمميزات قطاع الصحة في سنوات السبعينات: ألا وهي سوق هائلة وبالغة التشظي وإنتاجية ضعيفة ومستوى تكنولوجي متدن  لكنه لا يرغب سوى في الارتفاع وقصور في التسيير المحترف ومعدل رسملة ضعيف (15 مليار دولار بالولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لرساميل تفوق 16.000 مليار دولار).
دفع كل ذلك بنك الأعمال لاستنتاج أن الوضع ملائم للإقدام على خوصصة تجارية على نطاق واسع.

وتضيف  ميريل لانش Merril Lynch  إلى العوامل الحافزة لنمو هذه  السوق، عامل «عدم رضى» الآباء تجاه التعليم العمومي.
إذن يشكل الذين  لديهم الإمكانات المالية للإفلات من مدارس الدولة المجردة من المال خزانا كامنا من الزبائن لتجارة التعليم هذه  التي تشهد عز نموها.

وأبان تقرير للمركز القومي للإحصاءات التعليمية  بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1993 أن 72% من الأسر التي يفوق دخلها 50.000 دولار سجلت أبناءها بمدارس خاصة أو رحلت للتمكن من  تسجيلهم في ما تختار من مدارس عمومية.

ويبدو انه من الصعب للغاية الحصول على تقديرات إجمالية على الصعيد العالمي، لكن نعرف أن سوق صناعة التعليم الجديدة تلك بلغت عام 1998، بالولايات المتحدة الأمريكية وحدها، 82 مليار دولار منها 24 مليار دولار للمنتجات و 30 مليار دولار للخدمات و28 مليار دولار لكل أشكال المداخيل المدرسية.

ويربح بلد مثل استراليا 55 مليار فرنك بلجيكي (7 مليار فرنك فرنسي) بفضل تصدير خدمات التكوين.
وذلك ما أثار غيرة كلود أليغر وزير التعليم الفرنسي السابق، الذي أمر مواطنيه بغزو «سوق القرن 21 الهائل» هذا بدورهم.

كيف يأمر بالغزو وفرنسا باتت تحتل المرتبة الثانية عالميا في سوق التعليم، لاسيما بفضل موقعها الاحتكاري في العالم الناطق بالفرنسية.

وفي بريطانيا، خلقت شركة الاستثمارات Capital Strategie مؤشرا بالبورصة «UK Education and training index» والذي لم يفتها أن تمجد إنجازاته الاستثنائية.

إن استثمارا بقيمة 1000 جنيه إسترليني عند بدء ذلك المؤشر سنة 1996 بلغ 3.405 جنيه إسترليني في يوليوز 2000.
إنه نمو بنسبة 240% تجدر مقارنته بنسبة 65% الخاصة بالمؤشر العام لبورصة لندن FTSE.

وتورد Capital Strategies من العوامل التي تفسر ذلك النمو اللافت عامل الاستثمارات العمومية  في مجال التجهيز بالكومبيوتر ومراكز التكوين بالتكنولوجيا الجديدة، وتنامي حالات الشراكة بين الجامعات والمقاولات الصناعية وتنامي المقاولة من باطن في خدمات التعليم.

و«تزن» سوق المقاولة من باطن وحدها5 مليار جنيه إسترليني.
وفي بريطانيا دائما، تشرف على 73% من أعمال تفتيش المدارس منذ 1993 هيئات خاصة تحصل على هذا النحو على سوق يبلغ 118 مليار جنيه إسترليني.

وبنفس البلد، أضحى تعويض الأساتذة المتغيبين نشاطا مربحا بدوره.
وعلى سبيل المثال توظف شركة Capstan ما يقرب من ألف أستاذ- احتياطي يوميا.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية تسير شركة Edison Schools في استقلال تام ما يناهز 125 مؤسسة تعليم عمومي.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال