ليس قصدنا في التركيز على هذا الجهاز هو من باب الانتقاص أو التقليل من دور باقي المكونات و الفئات التعليمية من هيأة التدريس والإدارة التربوية بل وحتى الشواش؛ و إنما ينبع من الموقع الحساس الذي يحتله ضمن المنظومة التربوية؛ هذا الموقع الذي يصطلح عليه في القاموس الفرنسي "La plaque tournante du système" أي الحلقة المركزية.
فالوزارة تعتبره – في خطاباتها الرسمية – عينها التي بواسطتها ومن خلالها تستطيع النفاذ إلى واقع و تفاصيل الممارسة التربوية داخل الفصول والحياة المدرسية؛ وإذا صدقنا هذا الوصف المجازي و الدال، لكن أي منطق سليم قد يقبل و يستوعب تعامل الذات مع عينها باللا مبالات و الإهمال؟.
إنه و عندما يجيب الوزير عن سؤال يتعلق باحتجاج هذه الفئة – بعد ما استنفذت كل الأساليب التي توصف بالحضارية في المطالبة بما يسمح لها بأن تؤدي رسالتها على أحسن وجه - قائلا: "إن الأمر يهم من دعا إلى هذا الاحتجاج"؛ بالمعنى الصريح أنه لا تهمه هذه الفئة!
إلى أي حد يمكن لمثل هذه التصريحات أن تساهم في ما يصطلح عليه بورش الإصلاح المفتوح؟ نعتقد أنه على العكس من ذلك، لاتؤسس إلا لسلوكات عدم التعاطي الإيجابي معه من طرف أغلب مكونات هذه الهيأة، خاصة عندما ترى أن ما تطالب به من تعويض عن التنقل، و تعويض عن الإطارو تصفية بعض الملفات من قبيل ترقية من استوفى الشروط إلى غير ذلك؛ تجابه بالتماطل والوعود الشفوية؛ في نفس الوقت يسود الشعور أن هناك تبذير لاعتمادات – لا يعلم بمقاديرها إلا المقربون-.
ماذا حققت منتديات الإصلاح و كم هي الميزانيات التي صرفت فيها؟
و هل الوزارة تتوفر فقط على الاعتمادات التي تسمح بالترحال بين الأكاديميات لافتتاح مجالسها الإدارية؟
أين نحن من الوثيقة الإطار وأين تتجلى الاستقلالية الوظيفية على أرض الواقع؟
ماذا تكلف هذه الاستقلالية ، ثم من تزعجه، اليست الوزارة نفسها؟
في النهاية و باعتبار الاختلالات التي أشرنا إليها في العناصر أعلاه، فإنه إذا ما أردنا فعلا أن يكون "إصلاح" المنظومة التربوية إصلاحا جذريا، فلا بد من إعادة النظر في كل تلك المداخل في تكاملها و ترابطها؛ و إعادة الاعتبار تمر عبر الإنصات لمختلف العاملين و الفاعلين ميدانيا بالدرجة الأولى، ليس من باب الاستشارة كما هو الشأن حاليا، حيث توضع أهم المقترحات و الآراء جانبا وتتخذ قرارات بشكل منفرد و ارتجالي، بل الإنصات على أساس الأخذ الفعلي والعملي لما هو نابع من واقع الممارسة التربوية التي لازالت لم تواكب إلى حد الآن أهم خلاصات الدراسات التربوية الحديثة على الرغم مما تورده الخطابات الرسمية، هذا من جهة.
أما من جهة أخرى فلا نعتقد أن التعامل مع احتجاجات مختلف الفئات – وهي إن كانت ذات مطالب فئوية فإنها جميعا تشكل كتلة لا يمكن "للإصلاح" أن يتحقق بدونها- باعتبارها تندرج في ما سمي بـ"الرفاه السياسي" أو فيما سمي أيضا بـ"الارتدادات الاجتماعية"، فهذا خطاب و تعامل لا يمكن أن يساهم في تأسيس وإرساء "إصلاح جذري" بقدر ما يؤخره.
التسميات
إصلاح تربوي